إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
شفاء العليل شرح منار السبيل
199771 مشاهدة
لمس الأنثى بشهوة

قوله: [ الخامس لمس بشرة لذكر لأنثى، أو الأنثى لذكر، لشهوة من غير حائل، ولو كان الملموس ميتة أو عجوزا أو محرما] لقوله تعالى: أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ وقرئ (أو لمستم) قال ابن مسعود القبلة من اللمس وفيها الوضوء رواه أبو داود (4)، فإن لمسها من وراء حائل، لم ينقض في قول أكثر أهل العلم، وسئل أحمد عن المرأة إذا مست زوجها. قال: ما سمعت فيه شيئا، ولكن هي شقيقة الرجال، أحب إلي أن تتوضأ. قاله في الشرح .


الشرح: ذهب الشافعية في هذه المسألة إلى أن مجرد لمس المرأة ينقض الوضوء سواء كان لشهوة أم لغير شهوة، وذلك لإطلاق الآية، على قراءة ( أو لمستم النساء )، وكذلك قرأها بعض السبعة في سورة النساء .
ففي هذه المسألة ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن لمس النساء لا ينقض الوضوء، لشهوة كان أم لغير شهوة، قالوا: لأن المراد باللمس في الآية هو الوطء كما فسره ابن عباس وغيره قالوا: إن الله كريم يكني، وإنما كنى عن الجماع باللمس لأنه بمعناه، أو من لوازمه، فقالوا: لا ينقض لمس المرأة لا لشهوة ولا لغيرها إلا إذا حصل إنزال، أو وطء.
واستدل هؤلاء بأحاديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقبل إحدى نسائه ثم لا يتوضأ، قالت عائشة قبل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إحدى نسائه ثم صلى ولم يتوضأ والغالب أن القبلة تكون بشهوة، سيما مع الزوجة، فقالوا: هذا دليل على أن اللمس لا ينقض ولو بشهوة.
القول الثاني: أن مجرد اللمس ينقض الوضوء، كما هو قول الشافعية، لشهوة كان أم لغير شهوة، وسواء كانت المرأة محرما أو زوجة، أو أمة، أو أجنبية، فمجرد اللمس ينقض الوضوء، ولكن لا بد أن يكون اللمس بتلاقي البشرتين بدون حائل، ولو بالمصافحة.
وهذا الرأي فيه تشديد؛ لأن الإنسان كثيرا ما يصافح أقاربه من النساء اللاتي تحل مصافحتهن، فلو كان هذا موجبا للوضوء لاشتهر وانتشر لأنه مما تعم به البلوى، فهو رأي فيه صعوبة ومشقة.
القول الثالث: أن اللمس لا ينقض إلا إذا كان لشهوة، وحملت عليه هذه الآية.
فأما حديث عائشة فهو محمول على أنه لم يكن لشهوة، أو أن النبي -صلى الله عليه وسلم- من غيره .
وهذا الرأي هو الذي مشى عليه المؤلف، وهو مذهب مالك -رحمه الله- وهو الذي تطمئن إليه النفس، وهو أنه إذا لمس امرأته بشهوة انتقض وضوءه، ويعيد الوضوء؛ لأن الوضوء يخفف الشهوة.
ثم إنهم خصوا انتقاض الوضوء باللامس لا بالملموس، فالملموس لا ينتقض وضوءه، ولو وجد شهوة، سواء كان رجلا أم امرأة، وكأنهم أخذوا هذا من قوله تعالى أَوْ لَامَسْتُمُ .
ولعل الأقرب أن انتقاض الوضوء خاص بالمتعمد لقوله: أَوْ لَامَسْتُمُ أي تعمدتم، أو قصدتم اللمس، فأما إن كان لغير قصد فلعله لا ينتقض وضوءه؛ لأن هذا مما يبتلى به كثيرا، لا سيما في أماكن الزحام كالمطاف والمسعى، فلو انتقض وضوء الرجل بمجرد اللمس دون قصد لكان في هذا مشقة عليه، حيث سيعيد وضوءه بين الحين والآخر، ويا هذا ما فيه من انقطاع الموالاة أثناء الطواف، ونحوه.